حول جواز التوسل بالأموات00249920137305 الشيخ الروحانى السودانى

حول جواز التوسل بالأموات00249920137305 الشيخ الروحانى السودانى


ومن أدلة التوسل بالموتى :
استدل الأئمة المثبتون للتوسل به بعد وفاته من القران الكريم بقوله تعالى : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً (1) فهذه الآية الكريمة عامة الدلالة على مشروعية التوسل فتشمل حالتي الحياة والوفاة وتخصيصها بأحدهما يحتاج إلى دليل وهو مفقود ههنا .
وعموم الدلالة للحالتين مستفاد من وقوع الفعل ، جاءوك ، في سياق الشرط والقاعدة المقررة في علم أصول الفقه ، أن الفعل إذا وقع في سياق الشرط كان عاماً ، لأن الفعل في معنى النكرة ، لتضمنه مصدراً منكراً ، والنكرة في سياق الشرط تكون للعموم وضعاً ، لكن السلفية المتأخرة والوهابية يمنعون التوسل به وبغيره من الصالحين بعد الوفاة متوهمين أن الموت يحول دون تحقق المطلوب ، وهو وهم كاذب وزعم باطل ، لأن الأنبياء أحياء في قبورهم ، وكذا الأولياء ، لقوله تعالى في حق الشهداء : وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (2) .
ولا شك أن الأنبياء والأولياء أعلى رتبة وأفضل جهاداً من الشهداء ، ولنا قدم ذكرهم عليهم في قوله تعالى : وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ (3) .
هذا وقد فهم الصحابة والسلف الصالح وجمهور المفسرين والمحدثين والفقهاء من قوله تعالى : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ، مشروعية التوسل به بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وأثرت عنهم في التوسل به بعد انتقاله روايات وآثار عديدة تنطق بتعاضدها واشتهارها على ألسنة العلماء ؟؟؟؟؟ ومصنفاتهم بحقية هذا التوسل ومشروعيته بل والندب إليه اقتداءً بسلفنا الصالح .
ومن ثم تراهم يذكرون في باب الحج والزيارة – عند الحديث عن آداب زيارته في المسجد النبوي استحباب قراءة هذه الآية عند الوقوف تجاه قبره الشريف استدلالاً بهذه القصة التي نقلها العديد من الحفاظ والمفسرين ومنهم القسطلاني والسيوطي وابن كثير والقرطبي عن أبي سعيد السمعاني بسنده عن سيدنا علي كرم الله وجهه أنه قال : ( قدم علينا إعرابي بعدما دفنا رسول الله بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله وحثا على رأسه من ترابه فقال : قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل الله عليه : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً (4) . وقد ظلمت نفسي ، وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر أن قد غفر لك .
ومثل هذا الأثر مروي عن الهلالي والعتبي وعن ابن الأعرابي في شعب الإيمان للبيهقي ، ومنير الغرام الساكن لابن الجوزي ، وتاريخ ابن عساكر وغيرهم .
قصة العتبي في التوسل :
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى : ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل ( الحكاية المشهورة ) عن العتبي قال : كنت جالساً عند قبر فجاء أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله سمعت الله تعالى يقول : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً .. وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي .. ثم أنشد يقول :

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ***** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ***** فيه العفاف وفيه الجود والكرم


ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت في النوم فقال : ( ألحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له ) .
فهذه القصة رواها الإمام النووي في كتابه المعروف بالإيضاح في الباب السادس ص 498 ، ورواها أيضا الحافظ ابن كثير في تفسيره الشهير عند قوله تعالى : وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً .
ورواها أيضاً الشيخ أبو محمد بن قدامة الحنبلي في كتابه المغني 3 / 556 وذكرها أيضاً الشيخ أبو الفرج ابن قدامة في كتابه الشرح الكبير 2 / 495 ونقلها أيضاً الشيخ منصور بن يونس البهوتي في كتابه المعروف ( كشاف القناع ) وهو من أشهر كتب الحنابلة 5 / 30 . (5) .